الجمعة، 23 سبتمبر 2016

سؤال من مواطن مصري لمواطن سويسري


في سويسرا، وجدت أن الله أنعم على هذه البلد بمجموعة كبيرة من البحيرات والأنهار والشلالات والجبال الخضراء الخلابة، ووجدت أن المواطن السويسري العادي يمتلك بيتاً مستقلاً من طابقين وأمامه حديقة وخلفه حديقة ويطل على بحيرة أو نهر أو يقع البيت في حضن جبل، وإذا كان لديه بعض الأبقار أو الأغنام يكون لديه مساحة مسورة خاصة به ترعى فيها أبقاره أو أغنامه، بالإضافة إلى امتلاكه سيارة واحدة على الأقل ووسائل التكنولوجيا الحديثة داخل بيته، وإذا كان منزله يطل على بحيرة أو نهر، فإنه يملك لانش أو قارب صغير يتنقل به للقرى المجاورة أو يستخدمه في التنزه أو الصيد (شاهدت الكثير من مراسي القوارب في البحيرات والأنهار وكنت أظنها متاحة للتأجير من قبل السائحين، ولكن اتضح أنها ملك خاص لسكان المنطقة).
حينها خطر في بالي سؤال، وهو أن المواطن المصري العادي أو أي مواطن يعيش في العالم الثالث عندما يفكر في الجنة أو يحلم بها، فإن خياله لا يصل حتى إلى تصور ما يعيش فيه المواطن السويسري العادي، فما هي صورة الجنة في ذهن المواطن السويسري نفسه. يعني إذا كان المواطن السويسري يؤمن بالحياة الآخرة وبوجود الجنة، كيف يتصورها؟ ما الذي يفتقده في الدنيا لكي يشتاق إليه في الجنة؟!
ترددت كثيراً في طرح هذا السؤال على أي مواطن سويسري لأنه سؤال غريب وقد يثير ارتيابه، ولكن فضولي هو الذي دفعني وجرّأني على طرح السؤال، وبالفعل طرحته على 3 أشخاص من كبار السن، كل واحد على حدة. وكانت الإجابات كما توقعت بعيدة عن الأشياء المادية. وهي كما يلي:
شخص 1: الجنة بالنسبة لي هي أنني سأعيش مع المسيح إلى الأبد.
شخص 2: في الجنة لن يكون هناك موت بعد ذلك (يبدو أنه كان يخاف من فكرة الموت)
شخص 3 (سيدة): في الجنة ستنتهي المعاناة، لن تكون هناك معاناة. فسألتها متعجبا ظننتها تعاني من شيء مادي: ومم تعانين في الدنيا؟ قالت: علاقات شخصية سيئة ومرهقة.
في العالم الثالث، الشخص الفقير الذي لا يستطيع تناول ما يشتهي من مأكولات تتمثل صورة الجنة التي تسيطر على ذهنه في "بوفيه مفتوح من الكباب والكفتة" مثلا، والشاب الذي يريد الزواج ولا يستطيع، تكون صورة الجنة في ذهنه عبارة عن "بوفيه مفتوح أيضاً من أجمل النساء" والإنسان البسيط الذي لا يملك بيتاً تكون الجنة في ذهنه عبارة عن "فيلا رائعة يعيش فيها"، والشخص البدوي الذي يعيش في الصحراء ولا يتوفر له الماء بشكل كافي يتخيل الجنة عبارة عن "أنهار بها ماء عذب وفير" والشخص الذي يعيش في بلاد يكسوها الجليد طوال السنة يتخيل الجنة بأنها "ذات شمس مشرقة طيلة اليوم".
اتضح لي (إن لم أكن مخطئاً في ذلك) أن الصورة الذهنية للجنة لدى أغلب الناس تتشكل وفقاً للأشياء التي يكون الشخص محروماً منها، وكما قال أجدادنا (الفرخة الجعانة تحلم بسوق الغلة).