‏إظهار الرسائل ذات التسميات تحفيز وقصص نجاح. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات تحفيز وقصص نجاح. إظهار كافة الرسائل

الأربعاء، 1 سبتمبر 2010

هل يملك شريف عامل الفندق ابن الاثني عشر عاما فندقا في يوم من الأيام؟

شريف عامل الفندق

هذه القصة حدثت معي بالفعل عندما كنت أقضي يومين في أحد الفنادق على ساحل البحر المتوسط بمصر. وشريف هو عامل بالفندق ويبلغ من العمر 12 عاما، ويعمل في كل شيء، يعمل في النظافة، ويعمل في المطعم ويعمل في خدمة الغرف، يعني الكل في واحد، أو كما يقولون "مرمطون".

وعندما كنت أتناول إفطاري في مطعم الفندق، وجدت مشرف في الفندق يشتم شريف الذي كان ينظف الأطباق بجواري ويقول له "مش قلتلك ما تشيلشي الأطباق من مكانها يا ابن ...." وشتمه شتيمة قاسية. تأثرت بذلك وشعرت بالأسى على شريف، فقررت أن أطيب خاطره، وناديت عليه وأعطيته مبلغا بسيطا "كبقشيس" وطلبت منه أن يقترب مني فاقترب، وهمست في أذنه وقلت له "انته شكلك هتكون صاحب فندق كبير" لكي أحفزه وأشجعه وأخلق في عقله حلم، لعل وعسى يستطيع أن يحققه في يوم من الأيام. ولم أتوقع رد فعله، حيث كان رد فعله هو أن ابتسم ابتسامة كلها ثقة وقال لي "إن شاء الله".

قارن بين هذا الرد وردود الشباب التي من قبيل "يا عم خلينا نحلم على قدنا"، "يا عم بس أنا عايز أي شغلانة آكل منها عيش"

قررت أن أعقد جلسة ولو لمدة خمس دقائق مع شريف قبل أن أغادر الفندق حتى أتعرف عليه وأبعث في نفسه المزيد من الأمل والتفاؤل بالمستقبل وأرى كيف يفكر وأرى ما إذا كان فعلا يحلم بتملك فندق وما إذا كان صادقا في حلمه أم لا. احترت كيف أفعل ذلك، فطلبت ذلك من موظف الاستقبال، فطبعا أغرقني بوابل من الأسئلة، لماذا تريد أن تجلس معه، وأين تعمل حضرتك، الخ. وأخبرني بأنه لابد أن يستأذن من مدير الفندق، فقلت له حسنا استأذن منه. 

جلسة مع شريف
جلست مع شريف على طاولة في حديقة الفندق، ووجدته ما شاء الله على حلاوة لسانه وذوقه الرفيع في الكلام وأخلاقه العالية. أخبرني شريف بأن والده متوفي وهو الأخ الأكبر ولديه أختان وهو الذي يصرف على البيت، وعندما سألته عن دراسته، أخبرني بأنه اضطر إلى ترك التعليم من أجل تحمل مسئولية أسرته. وقال لي بالحرف الواحد وبكل حزن "أنا أموت وأتعلم" فتذكرت الشباب الذي يدخل الجامعات الخاصة ويتم إنفاق مئآت الآلاف عليهم ويرسبون أيضا. عرضت على شريف أن أتكفل بنفقات تعليمه القراءة والكتابة والحساب والكمبيوتر، ولكنه أخبرني بأنه لا يستطيع ذلك للأسف لأن وقت العمل لا يسمح له. تخيل كم ساعة يعمل شريف؟ إنه يعمل من الساعة 6 صباحا إلى الساعة 12 منتصف الليل وأخبرني بأنه أحيانا يضطر إلى السهر إلى 2 صباحا بسبب ظروف الشغل.

ثم سألته "هل تؤمن فعلا أنك تستطيع أن تملك فندقا في يوم من الأيام؟" فأجابني بنفس الثقة "نعم، كل شيء ممكن" وقال لي "لعلمك، صاحب هذا الفندق كان يعمل في شبابه صبي قهوة، وهو أخبرني بذلك". سعدت جدا برد شريف واطمأنيت بأنه ليس كأغلبية الشباب يُصاب بالإحباط لأقل الأسباب. وسعدت أكثر وأكثر باقتناعه بإمكانية تحقيق الحلم.

أكبر "بقشيش" في حياة شريف
أردت أن أترك ذكرى طيبة في مخيلة شريف وأن أحفزه وأدخل على قلبه السرور، فسألته "كم كان أكبر بقشيش حصلت عليه في حياتك؟" فأجابني بأنه كان مبلغ "كذا"، وكان مبلغا بسيطا جدا، فأعطيته مبلغ يزيد 20 ضعفا، وتفآجأ شريف وفرح كثيرا، ولكنه كان خجولا ومترددا في قبول البقشيش، فشجعته على القبول وقلت له "أريدك أن تتذكرني وأريد أن أكون أنا صاحب أكبر بقشيس أخذته في حياتك" فأخبرني قائلا "أنا لن أنساك أبدا بدون أي شيء" وظل يشكرني شكرا كثيرا وقال لي أريد أنا أيضا أن أعطيك شيئا، فقلت له "ماذا؟" فتركني وقام وأخذ يبحث عن أفضل وردة في الحديقة وقطفها وجاء بها لي، وقال لي "هذه الوردة لك". انظر معي كم لديه من خلق رفيع. ثم شكرته على هذه الوردة.

تبادلنا بيانات الاتصال والعناوين حتى نكون على تواصل. شريف لم يكن لديه هاتف، ولكني أعطيته رقم هاتفي ليتصل بي متى شاء. وطلبت منه أن يتصل بي عندما يحدث تغيير في حياته إلى الأحسن ويطمئنني على حلمه. وقبل أن أغادر الفندق، رافقني شريف إلى سيارتي وهي سيارة حديثة، فأردت أن أختبر أيضا إيمانه بتحقيق الأحلام، وقلت له "ما رأيك في سيارتي يا شريف؟" فقال لي "جميلة جدا". فقلت له "ستركب سيارة أفضل منها بكثير" فابتسم ابتسامة الواثق أيضا وقال لي "إن شاء الله".

كان مدير الفندق يحوم حولنا ونحن جالسون في الحديقة يترقب الأمر من بعيد، فطلبت من شريف أن يخبر مدير الفندق، إن سأله عن الأمر، بأنني أجري بحثا عن عمالة الأطفال. وودعت شريف وانطلقت بسيارتي بعد أن أنهيت عطلتي في هذه المدينة الساحلية. اتصل بي شريف بعدها بأيام وفرحت جدا باتصاله، وسألته "هل لا زلت متمسكا بحلمك"، فقال لي "نعم" وطلبت منه أن يبقى على اتصال.


لماذا سردت هذه القصة؟
لقد سردت هذه القصة لكي أقول لك لا تتردد في بث الأمل والتفاؤل في نفوس الناس ولو بكلمة واحدة فقط، خاصة مع الشباب والأطفال. كلمة واحدة قد تغير حياتهم. كلمة واحدة فقط قد تخلق حلما لدى طفل أو شاب وتجعله يسعى إلى تحقيقه. وكم من عظماء اليوم أخبرونا بأن بداية أحلامهم كانت بسبب كلمة قالها له شخص ما، سواء كان قريبا أو صديقا أو خلافه. ألم تسمع قبل ذلك من أي من الناجحين يقولون "لقد قال لي فلانا كلمة لم أنسها طول عمري جعلتني أتمسك بحلمي إلى أن حققته"؟ 

سأضرب لك أمثلة بسيطة، وأنا مثلا أقوم بتزويد سيارتي بالوقود، كنت أخبر عامل البنزينة بأنه يستطيع أن يملك سيارة أفضل منها، ومثال آخر، عندما كنت أقوم بسحب أموالا من ماكينة الصراف الآلي بأحد البنوك، جاء إلى جواري طفل صغير وأخذ يتأمل هذه الماكينة التي تخرج أموالا، فقلت له "إن شاء الله لما تكبر تملك بطاقة مثل هذه ويكون عندك أموال كثيرة في البنك، ولكن لكي تحقق ذلك لابد أن تذاكر جيدا وتنجح في مدرستك". إلى آخر هذه الأمثلة. والأمثلة عديدة. كلمة واحدة يمكن أن تخلق حلما أو تحديا لدى أي شخص، ويكون لك الثواب الكبير عند الله على هذه الكلمة، والثواب الأعظم والأكبر طبعا عندما يتحقق ذلك الحلم.

ملحوظة:
لقد استأذنت شريف في الكتابة عنه ووضع صورة له على الإنترنت.