‏إظهار الرسائل ذات التسميات الأفكار. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات الأفكار. إظهار كافة الرسائل

الاثنين، 23 ديسمبر 2019

خَمْسُ نَصائِح مِنْ أجْلِ عَقْلٍ سلِيم

قَضيْتُ عِدَّةَ سَنَوَاتٍ أُحاوِلُ تحْسِينَ صِحَّتي وسَعادَتي، وعَرَفتُ مُبكّرًا أنَّ لِأفْكاري وعقْلي تأثيرًا كبيرًا في كُلِّ تَجْرُبة أَمُرُّ بها؛ لِذا بحَثْتُ لِأَعْرِفَ الكثيرَ عنْ صِحَّتي العقْلِيّة، وكيفَ يُمْكِنُنِي اسْتِخدامَ عقلي لأستفيدَ من حياتي وأُزيد سعادَتي عمومًا.
اكْتشَفتُ أنَّ هُناك عَقَباتٍ عدِيدةً عليَّ أنْ أُواجِهُها في العالمِ الخارِجيّ؛ لِذا توَقَّفْتُ عن تدْميرِ نفْسي مِن الدّاخِل.
هُناك عِدَّةُ عَوامِل مُخْتلفة تُؤّثّر في الصّحةِ والسّعادةِ، مِنْها: التّغْذِيَة، ونَمَط الحياة، والتّمارِين الرِّياضِيّة، والتّوَتُّر، والعائلة، والعمل.
 وهناك أيْضًا عاملٌ مُهِمٌّ كُنْتُ عادةً أتجاهَلُه، إنّه صِحّة العقل! لكي تعيشَ حياةً صِحِّيَّةً وسعِيدةً، يجبُ أنْ يبْدأَ كُلُّ شيءٍ مِن عَقْلِك.
إنَّ أفْكارَك قويةٌ للْغايَة، وقادرةٌ على التَّحكُّم ِفي كُلِّ جَوانِبِ حياتِك، ومِنْها صِحَّتُك. وأكثرُ النّاسِ لا يُدرِكون ماهيَّةَ الأفكارِ التي تَدورُ في رءُوسِهم، أليسَ كذلك؟!
كيْ أكونَ صادِقًا، أدْركتُ ـ قليلًا ـ فَوْضى الأفكارِ التي كانَت تدورُ في رأْسي، ولكنَّني لمْ أُدْرِك - ولو قليلًا - مَدَى تأثيرِ تلك الأفْكارِ في واقِعِي ومَشاعِري.
قدْ يكونُ التّرْكيزُ على كُلِّ فِكْرةٍ تَتَشَكَّلُ داخِلَ رأْسِك أمْرًا مُرْهِقًا، ومُخِيفًا أيْضًا.
تتحوَّل الأفْكارُ حتّى تصِيرَ مأْلوفة بِسَهولة، وكثيرٌ من النّاس اعْتادوا على التّفْكير السّلْبيّ مُنْذُ الصِّغر؛ لكِنَّ هذا التّفْكِير السَّلْبيّ يسْتَقرُّ في العَقِل الباطِن، وقد يتَسَبَّبُ حرْفِيًّا في تشْكيل شخصيَّتِك ورُدُودِ أفْعالِك تُجاه البِيئَة المـُحيطة.
هل أحْبَطَكَ هذا؟! لا تَخَفْ؛ فإنّ العادةَ وُجِدَت لِتُكْسَرَ، وهذا يعْنِي أنّك تستطيعُ أنْ تَتَحكَّمَ في أفكارِك، فتَجْعلَها تَصُبُّ في صالِحِك.

ما زِلْتُ أتذكَّر اليومَ الذي قرَّرْتُ فيه أنْ أُسجِّل الأفكارَ التي تخْطُر بِبِالي يوميًّا، وأن أشعرَ بتأثيرِها في نفسي.
أتذكَّرُ أنَّنِي قُلْتُ حِينها: "يا إلهي! لَدَيَّ الكثير لأفْعله الآن!"
وبعد اسْتقرار هذه القَناعةِ في ذِهْني، اتَّخذْتُ خُطُواتٍ مناسبةً للحفاظِ على عقْلٍ صحيحٍ في سبيلِ الحُصولِ على حياةٍ أكْثرَ صِحّةً وسعادةً.

إليك خَمْسَ خُطُواتٍ تُساعدُ في تغيير نَمَطِ أفكارِك، وتزيدُ صِحّتك العقلية، وتمْنحُك مَنْظورًا للحياة أكثرَ اتِّزانًا وإيجابيّة.

1.انْتَبِهْ:

إنَّ تغْيِير العادات السَّلْبيّة، واكْتِسابَ عاداتٍ إيجابيّة أمرٌ بَسِيطٌ، لَكِنَّهُ لَيسَ سهْلًا؛ لأنّه يحتاجُ إلى الكثيرِ من الالْتِزام؛ لِذا يجبُ أن تَتَّخِذَ القَرارَ، وأن تكونَ واضحًا فيما تهْدُف إليه ، إنْ كُنتَ ترغْبُ في إحْداثِ تغْيِيرٍ حقِيقيّ.
فكِّرْ في الأمر واكتُبْه، ثُمّ اقرأْهُ بِصَوْتٍ عالٍ. بهذه الطريقة، تُعِدُّ نفْسَك لاتِّخَاذِ الخُطوات الضّرورية للحصول على حالةٍ ذِهْنِيةٍ أفْضَل.

2. كُنْ واعِيًا بِأفْكارِك:

إنّ الأفكارَ عاداتٌ، وقدْ يكونُ مِن الصّعْب في البدايَة إدْراك كلِّ ما يدورُ في عقْلِك طُوالَ الوقْت.
قبْلَ أنْ تبْدأَ التّغْيِير، ينْبَغي أنْ تَعِيَ جيِّدًا ما يدورُ في ذِهْنِك.
اهْتمَّ بكتابة الأفكار التي تدورُ في ذِهْنك طَوال اليوم مع الناس في مُخْتَلَفِ المَواقِف.
وكُنْ حذِرًا من الحُكْم على أفْكارِك، بلْ اكتفِ الآن بإدْراكِها.

3.اصْنع التّغْيِير:

الآن، صِرْتَ تُدرِكُ أنْماطَ التفكير التي تتَّبِعُها، وصارَ بإمْكانِك تغْييرها.
لدينا جميعًا القُدرة على اختيار ما نُفكِّر فيه، ولدينا القُدرة على اسْتِبْدال الأفكارِ السَّلبيّة بأُخْرى إيجابيّة.
عِندما تدورُ فِكرةٌ سلْبيّةٌ في رأسِك، اتَّخِذْ قرارًا واعيًا بتَغْييرها. لا تقلقْ إنْ لم تؤمن في البداية بأفكارِك الإيجابيّة الجديدة، فبمُرور الوقتِ سيتغيّرُ ذلك.
وفي كلّ مرّة تُغيِّر فيها الأفكارَ السّلبيّة إلى أُخرى إيجابيّة، فإنّك تصْنع نَمَطًا جدِيدًا من الأفكار الإيجابيّة، وتزْرع أيضًا طاقةً إيجابيّةً داخِلَ عقْلِك مُقابِل تلك السَّلْبيّة.
لِتَفْعَلَ ذلك، تحتاجُ فَقطْ إلى الالتزامِ بِدعْمِ الأفكارِ الإيجابيّة طَوالَ الوقتِ (بنسبة 100%)، وبعدَ فتْرةٍ من الزّمنِ ستَضعُف لديْك قُدرةُ الأفكار السَّلبيّة على التأثير في أيٍّ من جوانِب حياتِك، وكذلك مشاعرِك، وستبعثُ أفكارُك الإيجابيّةُ الجديدةُ طاقةً مُخْتلِفةً، وستمْنحُك حياةً إيجابيّة، تُزِيدُ طاقتَك الإيجابيّة.
وبِمُرور الوْقتِ والممارسة، حين تظْهرُ فِكْرةٌ سلبيّةٌ، ستُلاحِظ أنها تتحوَّل مُباشَرةً إلى أُخْرى إيجابيّة قبْل أنْ تشْعُرَ بها من الأساس؛ فنَمَطُ التّفكير الإيجابيّ الجديدِ سيَقْضي بِسُرعة على أيَّة فِكْرةٍ سلبيّة تدورُ في خاطِرِك، وسيَسْتبْدِلُها بفِكرةٍ إيجابيّة تُثْبِت ذاتَك.

4. تردُّدات الذِّهنِ الإيجابيّ:

حينَ تُمارِس الخُطُوات الثلاث السّابقة، فسَتبدأُ تردُّدات ذِهْنك تتغيَّر.
يُرْسل المـخُّ دائمًا تردُّدات موْجاتٍ شديدة الدِّقَّة، تُؤثِّر في شعورِك وأفعالِك. ويُمْكنُك تغْيير هذه التَّردُّدات بالتَّأمُّل، أو اسْتخْدام مُؤثِّر خارِجيّ مثلَ الاسْتماع لتسْجيلات الموْجات الدِّماغيّة.
بمُمارسَة التّأمُّل أو الاسْتماع إلى تسجيلات موجات دِماغِيَّة (مثل binaural beats)، سيُمْكِنُك تخطِّي عقْلِك الواعي، والعَمَل مُباشَرةً مع عقلِك اللاواعي.
بهذه الطَّريقة، يُمْكنُك إحْرازَ تقدُّمٍ كبيرٍ في تغيير تردُّدات الدِّماغ لتصيرَ تردُّدات تساعِد على التَّخلُّصِ من الضُّغوط العَصَبيَّة.
إذا مارَسْتَ كلَّ هذه الطُّرقِ والْتَزمْتَ بها، فسيتغيَّرُ لَدَيْك نَمَطُ أفكارِك وطاقتِك إلى وضْعٍ أكثرَ إيجابيّة بسُرْعةٍ.

5.خصِّصْ وقْتًا للاسْتِمْتاع:

مُمارسَةُ التفكير الإيجابيّ لا تَعْني أنَّهُ لنْ تخْطُرَ بِبَالِك فِكْرةٌ سلْبيّةٌ أبدًا، بلْ تَعْني أنّك ستمْتلِك الوعيَ الكافيَ لتغْيير الفِكرةَ السلبيّة إلى أُخْرى إيجابيّة، وتسْمح للطّاقة الإيجابيّة بتشْكِيلِ حياتِك بدلًا مِنْ أن تتأثَّر بالطّاقة السَّلبيّة .
بِتنْفِيذِ كُلِّ هذه التّغيِيرات وتطْبيقِك لِهذه الحالة الذهْنِيّة الصّحيحة، سيُمْكُنُك الانْطِلاق والاسْتِمتاع بالحياةِ، وسَتَكونُ فَخُورًا بأنَّك مَنَحْتَ عقْلَك اليَقَظَةَ التي يحتاجُ إليها؛ كيْ تعيشَ الحياةَ الصّحيحةَ التي تسْتحِقُّها.


الجمعة، 20 ديسمبر 2019

خمسة تمارين يومية لتنمية قدراتك العقلية


العقل هو العضو المسؤول عن تسيير حياة الإنسان؛ وذلك لأن جميع تصرفاتنا تنبع من طبيعة أفكارنا الكامنة في عقولنا، أَيْ بغير العقل لن تكون هناك حياة على الإطلاق. وأهمُّ ما يميز العقل مُرونتُه، وقدرته على استيعاب كل جديد والتكيُّف معه، ورغم ذلك فإن العقل البشري يتَّسِم بالكسل، فإذا لم يَحْظَ بالاهتمام، فسيَضعُف ويفقد قدراته.
إليك بعضَ التمارين التي تتيح لك تنمية قدراتك العقلية:

1- الاختلاط بشخصيات مؤثرة

لكي تستطيع تنمية قدراتك العقلية بشكل فعَّال، فعليك بالاختلاط بأشخاص ناجحين، والاستفادة من تجاربهم في الحياة. واحرص على تجنُّب الانطواء، بل انفتح على مجتمعات جديدة، وأشخاص يمكنهم إحداث تأثير إيجابي في طريقة تفكيرك.

2- الاطِّلاع المستمرُّ

عندما تُطالِع شيئًا جديدًا، فإنك تُتِيح لعقلك فرصةً رائعةً للنموِّ، وتكوين أفكار ورؤى عن المحتوى الذي تطالعه. تذكَّر دائمًا أن المعرفة هي مِفتاح القوة، وأن العقل لا ينمو في ظِلِّ الجهل، ولكنه في حاجة دائمة إلى المعرفة. لذا، احرص على البحث والمطالعة باستمرار، وحاول التفكير بطريقة جديدة ومبتكرة.

3- المخاطرة

تتيح لك المخاطرة فرصة الخروج من منطقة راحتك "Comfort Zone"، ومحاولة تجريب أشياء جديدة؛ وهو الأمر الذي له دور حاسم في تنمية قدراتك العقلية. كذلك، توفر المخاطرة نوعًا من التوتر الإيجابي، الذي يدفع الإنسان إلى المزيد من السعي لتحقيق أهداف جديدة.

4- التأمل

يُولِّد العقل مئات الأفكار في الدقيقة الواحدة. فإذا لم تُعالِج هذه الأفكار، فسيتمُّ تخزينها في عقلك. وفي النهاية، سوف تؤدي بك تلك الأفكار المختزنة في العقل إلى الشعور بالإحباط. مارسْ التأمل ولو لمدة عشر دقائق يوميًّا، وستشعر بهدوء داخلي عميق، سوف ينعكس بشكل إيجابي على قدراتك العقلية، ويؤدي إلى تنميتها.

5- احلُم بلا حدود

ليس هناك حدود للأحلام، والناجحون في الحياة هم أولئك الذين لا يضعون حدًّا لأحلامهم؛ بل ينطلقون بها إلى أبعد مدى، ثم ينشغلون في سعي جادٍّ لتحقيق هذه الأحلام. لذا، إذا أردت تنمية قدراتك العقلية، فلا تضع قيودًا على أحلامك، بل حاول تحقيقها مهما كانت الظروف.


الجمعة، 13 ديسمبر 2019

4 طرق لتدريب عقلك على النجاح



بمجرد أن يُوقِظك مُنَبِّهُك في السادسة صباحًا، تتذكر قائمة المهام التي عليك القيام بها طوال اليوم. وقبل أن تغسل أسنانك، تفتح هاتفك لترى رسائل البريد المهمة. وفي أثناء تناولك الإفطار، تتهيَّأ لاجتماع الظهيرة، بأن تتدرَّب على ما ستقول، وتتوقَّع الاعتراضات؛ فيدور الاجتماع بأكمله في رأسك مرارًا وتكرارًا!
تقول لنفسك: "سيكون يومًا طويلًا!" وما تزال الساعة السابعة والنصف! هل يبدو لك هذا مألوفًا؟!
هذا النوع من التفكير مُرهق، وعديم الفائدة، ويستهلك الكثير من الوقت؛ ولكن بإمكانك أن تُعَوِّد نفسك وعقلك ليكون حاضرًا، ومُنتِجًا، وداعمًا لك إذا طبَّقت هذه الأساليب المُجرَّبة والفعَّالة للتأمُّل:

1- تقبَّل حتمية التفكير

التفكير المُبالَغ فيه ليس مشكلة العقول الكسولة، بل تكمن المشكلة في ترك أفكارك تُشتِّتك، أو تتحكَّم فيك.
كذلك البقاء في حالة صراع مع عقلك أو الشعور بخيبة الأمل بسبب قلة تركيزك لن يتسبَّب إلا في زيادة تفكيرك سوءًا، وسيستهلك كل طاقتك؛ لكن من الطبيعي أن تتقبَّل التفكير. تلك هي أول خطوة في طريق إعادة تدريب عقلك وتركيزك؛ فالتَقبُّل هو الخطوة الأولى للسيطرة على الأمور.

2- مرِّن عقلك بالتكرار اللطيف

قلة التركيز عادة! وأيًّا كان نوع شخصيتك، أو صفاتك الجينية، أو شكل تربيتك؛ يُمْكِنُك تغيير هذه العادة بالمواظبة على التكرار بلطف.
إذا لاحظتَ أن انتباهك قد شَردَ في أثناء اجتماع أو مكالمة هاتفية، فخُذْ نَفَسًا عميقًا، وانتبه جيدًا للمكالمة أو للاجتماع.
هذا تدريب فعَّال للغاية، ويمكنك ممارسته في أي وقت من اليوم. وكلما راقبت عقلك أكثر حين يشرد، كنت أكثر حضورًا وتركيزًا.

3- التعامُل مع القلق

الأفكار المُقلِقة تخدعك لتُلهِيك وتستهلك طاقتك؛ فهي تُبعِدك عن اللحظة الراهنة، وترميك في المستقبل. اللحظة الراهنة هي المكان الذي تكمن فيه كل طاقتك، ولكن عندما تُركِّز باستمرار على المستقبل، تُضيِّع الوقت والمجهود، ويزداد شعورُك بالوَهَن.
لذا، حين تجد نفسك شاردًا في فكرة مُقلِقة، اسأل نفسك أحد هذين السؤالين: "هل يحدث هذا الآن؟"، أو "هل عليَّ الآن أن أُفكِّر في هذا الأمر؟"
وإن لم يكن ذلك شيئًا يحتاج إلى انتباهك في الحال، فستكون الإجابة بالطبع "لا، هذا لا يحدث الآن"، أو "لا، لا ينبغي أن أفكر في هذا الآن". كرِّر هذا السؤال حتى تشعر أن انتباهك قد صار أكثر استقرارًا في اللحظة الراهنة.
هذا التدريب أيضًا مفيد للغاية إذا وجدتَ نفسك في منتصف الليل تُفكِّر في مهام اليوم التالي.

4- تَنفَّس بعُمْق ثلاث مرات يوميًّا

التنفُّس العميق المُتَعمَّد يتطلَّب منك التركيز، وهو طريقة رائعة لتُعَوِّد ذِهنك على أن يكون حاضرًا. اضبط هاتفك -إن اضطررت لذلك- ليُذكِّرك به في ثلاثة أوقات مختلفة: 12 ظهرًا، و3 عصرًا، و7 مساءً.
تذكَّر أن ذهنك هو أقوى حلفائك؛ لذا استخدم هذه الخطوات لتتحكَّم في انتباهك، ولتخلق بيئة ذهنية حيوية وناجحة ومُثمِرة؛ وستكون أنت أيضًا كذلك.

الاثنين، 9 ديسمبر 2019

أربع خُطوات لتتغلَّب على الخوف والقلق



لم أدرك قبل ذلك مدى سيطرة الخوف والقلق على حياتي، وعندما أعود بذاكرتي إلى الوراء، يتبيَّن لي مدى تأثيرهما الكبير عليها؛ إذ إن الخوف لا يترك لي إلا مجالًا ضيِّقًا أمارس فيه طقوسي اليومية، في حدود منطقة الراحة "comfort zone"، ولا يترك لي حرية التحرك أبعدَ منها. لقد نجحت في تغيير هذا الأمر تمامًا في السنوات القليلة الماضية. وإليك خمسَ أفكار رئيسية ساعدتني على التحرُّر من الخوف، وأيضًا ثَمَّةَ أربع خُطوات يمكنك البدء في تطبيقها على الفور؛ لتتخلَّص من خوفك وقلقك، وتحويلهما لدافعيْن إيجابييْن.

الفكرة الأولى

إن لم يكن هناك سبب مادي للخوف يدعوك للهرب والنجاة بحياتك (كالخوف من حيوان متوحش أو من شخص غاضب يحمل سلاحًا)، فغالبًا ما يكون الخوف شعورًا يشير إلى خوض تجربة جديدة غير واضحة الأبعاد، وقد تنطوي على العديد من الأمور المدهشة بانتظارك، والتي تتجاوز منطقة راحتك. وفي هذا السياق، يكون الخوف صحيًّا وطبيعيًّا.
ولا شك أن إدراك حقيقة أن الخوف أمر صحي وطبيعي يُحرِّر الإنسان من قيوده؛ لأنه يعني أنه ليس مضطرًّا للانتظار حتى يتخلَّص من خوفه قبل الإقدام على أي تصرف، وأنه من الطبيعي أن يشعر بالخوف وينجز عمله.
لن تَعْدِمَ إنسانًا لا يشعر بالخوف في موقف ما؛ ولكن بداخلنا القدرة على تحويل هذا الخوف لدافعٍ لنا نحو النموِّ والتقَدُّم للأمام.

الفكرة الثانية

من خلال تجربتي -ومن دراسة العديد من الحالات على مدار السنوات الماضية- اكتشفت أن معظم مشاعر الخوف والقلق (وليس جميعها) يأتي من أفكارنا تجاه الآخر (الذي قد يكون شخصًا، أو شيئًا أو حدثًا، أو احتمالًا معيَّنًا).
فالخوف لا يأتي من حدث واقعي يحدث أمام عينيك الآن، ولكنَّه في الغالب يكون نتيجة رَدِّ فعلٍ عاطفيٍّ، يَنتِج عن حوار داخلي يدور في عقلك.

الفكرة الثالثة

يأتي أكثر مشاعر الخوف والقلق (وليس جميعها) من أفكارنا المتعلقة بالمستقبل؛ فالإنسان يشعر بالخوف من كل ما يَتوقَّع حدوثه، على المدى القريب أو البعيد.

الفكرة الرابعة

إن تيقَّنْت تمامًا أن الأفكار -وخاصةً الأفكار التي تتعلق بالمستقبل- هي السبب الرئيسي في خوفك، فقد عرفت العلاج الناجع لمشكلة الخوف؛ فالأفكار قد تتغير، والمستقبل لم يأتِ بعدُ. إذًا، فالأمر ليس واقعًا. إن علاج مشكلة الخوف يكمن في التخلُّص من الأفكار السلبية، والعيش في الحاضر. وبالطبع، يكمن التحدي في القدرة على البقاء بعيدًا عن الأفكار السلبية؛ لأن العقل من عادته أن يعُود إلى أنماط التفكير السلبي، وخاصةً ما يرتبط منها بالمستقبل؛ وهذا أمر طبيعي حتى تُدرِّب عقلك على خلافه.

الفكرة الخامسة

إن لم تتحكَّم في عقلك، فسيتحكَّم فيك. يمكنك التحكُّم في عقلك، وإدارة أفكارك وتوجيهها؛ ولكن الأمر يحتاج إلى الممارسة؛ فكلما مارسته، تحسَّنت قدرتك. ولا شك أنك وحدك مَن يصنع واقعك ويُشكِّله بأفكارك التي تُعَدُّ كالعدسة؛ تلتقط بها كل ما يُحِيط بك، وتُصفِّيه وتُحلِّله.
تذكَّر دائمًا أن الخوف والقلق لا يَظهران كنتيجةٍ مُباشِرةٍ لما تخاف منه أو تقلق بشأنه، ولكنهما يظهران كنتيجةٍ للتصور الخاطئ الذي يُضفِيه عقلك على ما تخاف منه. لذا، يمكنك التغلب على خوفك وقلقك، وتحويلهما إلى دوافع إيجابية بتغيير طريقة تفكيرك، والتخلُّص من النظرة السلبية للأشياء.
عليك أن تُدرِك جيدًا أن لديك من الوعي والإدراك ما يكفي للتحكم في عقلك، ومراقبة أفكارك، ومن ثم السير في اتجاه إيجابي جديد؛ بعيدًا عن الخوف والقلق. ومن دون هذا التصور، سوف تظلُّ في خوف وقلق.
والآنَ، إليك طريقةً بسيطةً تُثبِت أن لديك من الوعي والإدراك ما يكفي للتحكم في عقلك، والسيطرة على أفكارك:
§       أغلق عينيك دقيقتين، وركِّز على أفكارك.
§       بعد الدقيقتين، افتح عينيك وتحدَّث عما كنت تفكر فيه. على سبيل المثال: "كنت أفكر في العمل المتأخر الذي لم أنجِزْه"، أو "كنت أفكر فيما سأتناوله في وجبة الغداء"؛ وهكذا.
§       والآن، أجِب عن هذا السؤال: "مَن الشخص أو ما الشيء الذي يراقب أفكارك؟!"
§       لا تستطيع الأفكار مراقبة نفسها، وكذلك العقل لا يستطيع السيطرة على نفسه؛ لكنَّ هناك جزءًا آخر منك يقوم بهذه المهمة. إنه إدراكك ووعيك.
إذا تَرسَّخ لديك اعتقادٌ أنك غير قادر على التحكُّم في عقلك وأفكارك، فأنت في ورطة حقيقية يصعُب الخروج منها؛ لأنك حينها تكون كَمن يدور في حلقة مُفرَّغة ليس لها مَخرَج؛ لكنَّ هناك وسيلةً للخروج من هذا المأزق.
عندما تتيقَّن من أن لديك الوعي والإدراك الكافييْن للتحكُّم في عقلك والسيطرة على أفكارك، ستدرك أنك قادر على التخلُّص من أفكارك السلبية، وإعادة صياغة الموقف الذي تمُرُّ به.
إليك طريقةً بسيطةً للقيام بهذا الأمر:

أربع خُطوات لتتغلَّب على الخوف والقلق

تُعرَف هذه الطريقة باسم "تدريب الواقع مقابل الخيال"، وهي تُفسِح المجال لاستخدام إدراكك وتعزيزه؛ من أجل التوقف عن التركيز على الأفكار السلبية المرتبطة بالمستقبل، وإعادة توجيه عقلك إلى اتجاه إيجابي يعُود بالنفع عليك.
ولكي تُؤتي هذه الطريقة ثمارَهَا، مارسْهَا في كل مرة تمُرُّ بتجربةِ خوفٍ أو قلقٍ؛ فالإصرار على مقاطعة تلك الأفكار السلبية يُقلِّص سيطرتها.
احتفظ دائمًا بمفكرة لتدوين ملاحظاتك. وحين تدور في عقلك أفكار تتعلق بالخوف والقلق، اتبع الخطوات الآتية:
1- أكمل الجملة الآتية: "ما أخشاه أو أقلق بشأنه هو ... ... ..." وعندما تُحدِّده، ضَعْ سيناريو تفصيليًّا قدر الإمكان لما يدور في عقلك من أفكار الخوف والقلق، ورَدِّ فعلك تجاهها.
2- والآن، لنُحلِّل الموقف. كُن أمينًا في تحديد سبب خوفك أو قلقك، ومن ثَمَّ قرِّرْ حقيقة واضحة تُلخِّص الموقف. على سبيل المثال، إذا كانت إجابتك عن النقطة الأولى كالتالي: "ما أخشاه أو أقلق بشأنه هو ألا أجد فرصة عمل مناسبة"، تكون الحقيقة التي تُلخِّص الموقف هي: "أنا أعاني من البطالة في الوقت الحاضر"؛ وليس هناك حقيقة أخرى.
3- والآنَ، اكتب تحليلك للموقف، على أن يتضمَّن جميع ما قلته، وتوقعاتك لما قد يحدث، ورأيك في الحقائق التي توصَّلت إليها، والأسباب التي أدَّت إلى مخاوفك وقلقك.
4- وبعد أن فَصَلْتَ الحقيقة عن الخيال، ستُدرِك ما هو حقيقي، وما هو مجرد تصورات في عقلك. ستجد أن الأفكار السلبية التي تدور في عقلك هي التي تُولِّد مشاعر الخوف والقلق. وقد تعتقد أن هذه التصورات والأفكار السلبية قد تحدث، رغم أنها ليست حقائق ثابتة في الوقت الحاضر؛ وهذه هي المشكلة. ففي كل لحظة، هناك عددٌ لا حصر له من الاحتمالات. وإذا اقتصر الأمر في عقلك على السيناريوهات السلبية التي تُضيِّق عدد الاحتمالات وتحُدُّ منها وتُشعِرك بالضَّعْف، فستُصاب بالإحباط، وستتأثر ردود أفعالك، ولن تخرج من دائرة الخوف والقلق.
لذا، حانَ الوقتُ لتدريب عقلك على شيء جديد، لإكسابه القدرة على توليد أنماط تفكير إيجابية تُعزِّز قدرتك. استخدم وعيك وقدرتك على الإدراك لتحديد التصورات المحتملة، التي يمكنك أن تجعلها بدائل إيجابية عندما تتعرَّض لأفكار سلبية تؤدي إلى الخوف والقلق.
وكلما كنت قادرًا على تحليل أنماط تفكيرك السلبية القديمة بانتظام، وكذلك كلما تركتها واستخدمت أفكارًا إيجابية بديلة- تحرَّرت من قيود الخوف والقلق، وتغيَّرتْ نظرتك إلى العالم مِن حولك.