‏إظهار الرسائل ذات التسميات الراحة. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات الراحة. إظهار كافة الرسائل

الاثنين، 9 ديسمبر 2019

أربع خُطوات لتتغلَّب على الخوف والقلق



لم أدرك قبل ذلك مدى سيطرة الخوف والقلق على حياتي، وعندما أعود بذاكرتي إلى الوراء، يتبيَّن لي مدى تأثيرهما الكبير عليها؛ إذ إن الخوف لا يترك لي إلا مجالًا ضيِّقًا أمارس فيه طقوسي اليومية، في حدود منطقة الراحة "comfort zone"، ولا يترك لي حرية التحرك أبعدَ منها. لقد نجحت في تغيير هذا الأمر تمامًا في السنوات القليلة الماضية. وإليك خمسَ أفكار رئيسية ساعدتني على التحرُّر من الخوف، وأيضًا ثَمَّةَ أربع خُطوات يمكنك البدء في تطبيقها على الفور؛ لتتخلَّص من خوفك وقلقك، وتحويلهما لدافعيْن إيجابييْن.

الفكرة الأولى

إن لم يكن هناك سبب مادي للخوف يدعوك للهرب والنجاة بحياتك (كالخوف من حيوان متوحش أو من شخص غاضب يحمل سلاحًا)، فغالبًا ما يكون الخوف شعورًا يشير إلى خوض تجربة جديدة غير واضحة الأبعاد، وقد تنطوي على العديد من الأمور المدهشة بانتظارك، والتي تتجاوز منطقة راحتك. وفي هذا السياق، يكون الخوف صحيًّا وطبيعيًّا.
ولا شك أن إدراك حقيقة أن الخوف أمر صحي وطبيعي يُحرِّر الإنسان من قيوده؛ لأنه يعني أنه ليس مضطرًّا للانتظار حتى يتخلَّص من خوفه قبل الإقدام على أي تصرف، وأنه من الطبيعي أن يشعر بالخوف وينجز عمله.
لن تَعْدِمَ إنسانًا لا يشعر بالخوف في موقف ما؛ ولكن بداخلنا القدرة على تحويل هذا الخوف لدافعٍ لنا نحو النموِّ والتقَدُّم للأمام.

الفكرة الثانية

من خلال تجربتي -ومن دراسة العديد من الحالات على مدار السنوات الماضية- اكتشفت أن معظم مشاعر الخوف والقلق (وليس جميعها) يأتي من أفكارنا تجاه الآخر (الذي قد يكون شخصًا، أو شيئًا أو حدثًا، أو احتمالًا معيَّنًا).
فالخوف لا يأتي من حدث واقعي يحدث أمام عينيك الآن، ولكنَّه في الغالب يكون نتيجة رَدِّ فعلٍ عاطفيٍّ، يَنتِج عن حوار داخلي يدور في عقلك.

الفكرة الثالثة

يأتي أكثر مشاعر الخوف والقلق (وليس جميعها) من أفكارنا المتعلقة بالمستقبل؛ فالإنسان يشعر بالخوف من كل ما يَتوقَّع حدوثه، على المدى القريب أو البعيد.

الفكرة الرابعة

إن تيقَّنْت تمامًا أن الأفكار -وخاصةً الأفكار التي تتعلق بالمستقبل- هي السبب الرئيسي في خوفك، فقد عرفت العلاج الناجع لمشكلة الخوف؛ فالأفكار قد تتغير، والمستقبل لم يأتِ بعدُ. إذًا، فالأمر ليس واقعًا. إن علاج مشكلة الخوف يكمن في التخلُّص من الأفكار السلبية، والعيش في الحاضر. وبالطبع، يكمن التحدي في القدرة على البقاء بعيدًا عن الأفكار السلبية؛ لأن العقل من عادته أن يعُود إلى أنماط التفكير السلبي، وخاصةً ما يرتبط منها بالمستقبل؛ وهذا أمر طبيعي حتى تُدرِّب عقلك على خلافه.

الفكرة الخامسة

إن لم تتحكَّم في عقلك، فسيتحكَّم فيك. يمكنك التحكُّم في عقلك، وإدارة أفكارك وتوجيهها؛ ولكن الأمر يحتاج إلى الممارسة؛ فكلما مارسته، تحسَّنت قدرتك. ولا شك أنك وحدك مَن يصنع واقعك ويُشكِّله بأفكارك التي تُعَدُّ كالعدسة؛ تلتقط بها كل ما يُحِيط بك، وتُصفِّيه وتُحلِّله.
تذكَّر دائمًا أن الخوف والقلق لا يَظهران كنتيجةٍ مُباشِرةٍ لما تخاف منه أو تقلق بشأنه، ولكنهما يظهران كنتيجةٍ للتصور الخاطئ الذي يُضفِيه عقلك على ما تخاف منه. لذا، يمكنك التغلب على خوفك وقلقك، وتحويلهما إلى دوافع إيجابية بتغيير طريقة تفكيرك، والتخلُّص من النظرة السلبية للأشياء.
عليك أن تُدرِك جيدًا أن لديك من الوعي والإدراك ما يكفي للتحكم في عقلك، ومراقبة أفكارك، ومن ثم السير في اتجاه إيجابي جديد؛ بعيدًا عن الخوف والقلق. ومن دون هذا التصور، سوف تظلُّ في خوف وقلق.
والآنَ، إليك طريقةً بسيطةً تُثبِت أن لديك من الوعي والإدراك ما يكفي للتحكم في عقلك، والسيطرة على أفكارك:
§       أغلق عينيك دقيقتين، وركِّز على أفكارك.
§       بعد الدقيقتين، افتح عينيك وتحدَّث عما كنت تفكر فيه. على سبيل المثال: "كنت أفكر في العمل المتأخر الذي لم أنجِزْه"، أو "كنت أفكر فيما سأتناوله في وجبة الغداء"؛ وهكذا.
§       والآن، أجِب عن هذا السؤال: "مَن الشخص أو ما الشيء الذي يراقب أفكارك؟!"
§       لا تستطيع الأفكار مراقبة نفسها، وكذلك العقل لا يستطيع السيطرة على نفسه؛ لكنَّ هناك جزءًا آخر منك يقوم بهذه المهمة. إنه إدراكك ووعيك.
إذا تَرسَّخ لديك اعتقادٌ أنك غير قادر على التحكُّم في عقلك وأفكارك، فأنت في ورطة حقيقية يصعُب الخروج منها؛ لأنك حينها تكون كَمن يدور في حلقة مُفرَّغة ليس لها مَخرَج؛ لكنَّ هناك وسيلةً للخروج من هذا المأزق.
عندما تتيقَّن من أن لديك الوعي والإدراك الكافييْن للتحكُّم في عقلك والسيطرة على أفكارك، ستدرك أنك قادر على التخلُّص من أفكارك السلبية، وإعادة صياغة الموقف الذي تمُرُّ به.
إليك طريقةً بسيطةً للقيام بهذا الأمر:

أربع خُطوات لتتغلَّب على الخوف والقلق

تُعرَف هذه الطريقة باسم "تدريب الواقع مقابل الخيال"، وهي تُفسِح المجال لاستخدام إدراكك وتعزيزه؛ من أجل التوقف عن التركيز على الأفكار السلبية المرتبطة بالمستقبل، وإعادة توجيه عقلك إلى اتجاه إيجابي يعُود بالنفع عليك.
ولكي تُؤتي هذه الطريقة ثمارَهَا، مارسْهَا في كل مرة تمُرُّ بتجربةِ خوفٍ أو قلقٍ؛ فالإصرار على مقاطعة تلك الأفكار السلبية يُقلِّص سيطرتها.
احتفظ دائمًا بمفكرة لتدوين ملاحظاتك. وحين تدور في عقلك أفكار تتعلق بالخوف والقلق، اتبع الخطوات الآتية:
1- أكمل الجملة الآتية: "ما أخشاه أو أقلق بشأنه هو ... ... ..." وعندما تُحدِّده، ضَعْ سيناريو تفصيليًّا قدر الإمكان لما يدور في عقلك من أفكار الخوف والقلق، ورَدِّ فعلك تجاهها.
2- والآن، لنُحلِّل الموقف. كُن أمينًا في تحديد سبب خوفك أو قلقك، ومن ثَمَّ قرِّرْ حقيقة واضحة تُلخِّص الموقف. على سبيل المثال، إذا كانت إجابتك عن النقطة الأولى كالتالي: "ما أخشاه أو أقلق بشأنه هو ألا أجد فرصة عمل مناسبة"، تكون الحقيقة التي تُلخِّص الموقف هي: "أنا أعاني من البطالة في الوقت الحاضر"؛ وليس هناك حقيقة أخرى.
3- والآنَ، اكتب تحليلك للموقف، على أن يتضمَّن جميع ما قلته، وتوقعاتك لما قد يحدث، ورأيك في الحقائق التي توصَّلت إليها، والأسباب التي أدَّت إلى مخاوفك وقلقك.
4- وبعد أن فَصَلْتَ الحقيقة عن الخيال، ستُدرِك ما هو حقيقي، وما هو مجرد تصورات في عقلك. ستجد أن الأفكار السلبية التي تدور في عقلك هي التي تُولِّد مشاعر الخوف والقلق. وقد تعتقد أن هذه التصورات والأفكار السلبية قد تحدث، رغم أنها ليست حقائق ثابتة في الوقت الحاضر؛ وهذه هي المشكلة. ففي كل لحظة، هناك عددٌ لا حصر له من الاحتمالات. وإذا اقتصر الأمر في عقلك على السيناريوهات السلبية التي تُضيِّق عدد الاحتمالات وتحُدُّ منها وتُشعِرك بالضَّعْف، فستُصاب بالإحباط، وستتأثر ردود أفعالك، ولن تخرج من دائرة الخوف والقلق.
لذا، حانَ الوقتُ لتدريب عقلك على شيء جديد، لإكسابه القدرة على توليد أنماط تفكير إيجابية تُعزِّز قدرتك. استخدم وعيك وقدرتك على الإدراك لتحديد التصورات المحتملة، التي يمكنك أن تجعلها بدائل إيجابية عندما تتعرَّض لأفكار سلبية تؤدي إلى الخوف والقلق.
وكلما كنت قادرًا على تحليل أنماط تفكيرك السلبية القديمة بانتظام، وكذلك كلما تركتها واستخدمت أفكارًا إيجابية بديلة- تحرَّرت من قيود الخوف والقلق، وتغيَّرتْ نظرتك إلى العالم مِن حولك.