في جورجيا، كان المرشد السياحي وهو من أبناء جورجيا يذكر لي بشكل
مختصر تاريخ جمهورية جورجيا فذكر لي أن جورجيا تم احتلالها من قبل "الغزاة
المسلمين" الذين جاءوهم من تركيا في العصر العثماني (تركيا جارة لجورجيا)، واستخدم
اللفظ الإنجليزي "Muslim invaders"
الذي لم أنساه إلى الآن.
هنا، أبناء جورجياً ينظرون إلى المسلمين على
أنهم غزاة جاءوا ليحتلوا أرضهم ويُعلّمون ذلك لأبنائهم في المدارس، في حين أن
المسلمين في تركيا مثلا يرون من فعل ذلك هم أبطال مجاهدون قاموا بفتح جورجيا لنشر
الإسلام ويعلمون أبناءهم ذلك في المدارس التركية أيضاً. (ملاحظة: ذكر لي المرشد
السياحي أن "الاحتلال" العثماني لجورجيا استمر 200 سنة ولم يترك المسلمون
الأتراك ورائهم أية مساجد أو آثار إسلامية، مما يشير إلى أن نشر الإسلام لم يكن
الأولوية رقم واحد لديهم).
كيف ينظر المسلمون إلى الحروب الصليبية؟
ينظرون إليها على أنها أعمال عسكرية إجرامية، أما الدول التي شنت هذه الحروب فكانت
تنظر إلى أنها أعمال بطولية تهدف إلى نشر كلمة المسيح ومحاربة الكفار اللي هم
المسلمين.
كذلك كان الحال بالنسبة للحركات الاستعمارية.
فعلى سبيل المثال المصريون ينظرون إلى ما قام به الإنجليز على أنه احتلال، في حين
ينظر إليه الإنجليز على أنه "استعمار" (من التعمير) يهدف إلى توسعة الإمبراطورية
البريطانية ويرونه عملاً بطولياً. وفي كتب التاريخ التي يدرسها المصريون يصفون ذلك
بأنه احتلال وعمل إجرامي، وفي كتب التاريخ التي يدرسها البريطانيون يصفون ذلك بأنه
عمل مشرف لخدمة الإمبراطورية البريطانية.
ما أريد أن أقوله هو أن ما نتعلمه في المدارس
وما يتم تلقيننا به لسنوات طويلة منذ نعومة أظافرنا ليس بالضرورة صحيحاً في جميع
الحالات. ورأيي الشخصي فيما يُسمى بالفتوحات الإسلامية هو أن أي عمل يؤدي إلى قتل أشخاص
أو شن حرب ضد بلد آخر أو احتلالها وهي لم تعتدي علينا هو عمل يخالف صريح القرآن
الذي أمر بنشر الدعوة إلى الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة وليس بالحروب أو القتل،
ولا قتال في الإسلام إلا للدفاع عن النفس ورد المعتدي. الإسلام دين سلام، ولا يمكن
أن ننشر دين السلام بالحرب.