الاثنين، 21 مارس 2011

تأملات في أدعية المسلمين هذه الأيام




عندما تسمع إمام المسجد يدعو ويقول "اللهم اشف مرضانا ومرضى المسلمين، واحفظ شبابنا وشباب المسلمين" إلى آخر ذلك من الأدعية المألوفة هذه الأيام، هل يوجد في هذه الأدعية ما يثير انتباهك؟ أم أنك مثلي كنت تقول آمين بشكل تلقائي دون أن تلتفت إلى شيء في مثل هذه الأدعية؟ في الواقع، كنت في بلدة ما، ودخلت مسجدا لأداء صلاة العشاء، وكان المسجد بجوار كنيسة وكان يسكن هذه المنطقة بعض الأقباط. وكان بالمسجد سماعات ضخمة تُسمع القريب والبعيد، وشرع الإمام في الدعاء، وعندما قال "اللهم اشف مرضانا ومرضى المسلمين"، قلت في نفسي، وماذا عن المسيحيين؟ ألا يستحق مرضاهم أن ندعو لهم بالشفاء؟ ألم يأت الإسلام رحمة للعالمين؟ ألم يقل الله تعالى في حق رسوله "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين"؟، وكلمة العالمين تشمل عالم الإنس وعالم الجن وعالم الحيوان وعالم الجماد وغيرها مما خلق الله في الكون. 

ألا تقتضي رحمة الإسلام ورسالته العالمية أن ندعو مثلا لكافة المرضى بالشفاء بغض النظر عن ديانتهم وعن جنسيتهم وعن معتقداتهم؟ لماذا لا تقول أئمة المسلمين في دعائهم "اللهم اشف مرضانا وجميع مرضى الناس"؟ هل هذا عيب؟ كلا والله. من وجهة نظري، أرى أن هذه النوعية من الأدعية فيها عنصرية يبغضها الإسلام. وماذا عن شعور سكان المنطقة من المسيحيين الذين يسمعون إمام المسلمين في كل مسجد وهو يدعو بالشفاء فقط للمسلمين؟

اعلم يا صديقي أن رحمة الإسلام تقتضي أن ندعو بالشفاء حتى للحيوانات. هل رأيت في الشارع حيوانا مريضا، كلبا مثلا أو حمارا أو قطة، ثم توقفت للحظة ودعوت له بالشفاء؟ أنت مسلم، وهذا يعني أن رحمتك يجب أن تشمل كافة مخلوقات الله، بل وتشمل أيضا الجماد. ألا تعلم أن الحيوانات والجماد يسبحون بحمد الله ليل نهار؟ أليس هذا سببا كافيا لتشملهم برحمتك؟

وعندما تعرضت دولة مثل اليابان منذ أيام لفيضانات مهلكة أودت بحياة الآلاف وشردت الملايين، لماذا لم نسمع أئمة المسلمين يدعون في صلواتهم لشعب اليابان؟ قد تستغرب ما أقول، ولكن أليس هؤلاء خلق الله؟ أليست روح الله تسري في أجسادهم؟ هل يجرؤ عالم مسلم أن يخرج علينا ويقول لا يجوز للمسلمين الدعاء لليابانيين في محنتهم؟

الدعاء طاقة إيجابية، فانشرها بين خلق الله تسعد في دنياك

لدي اقتراح بسيط وجميل، وفي نفس الوقت يعود عليك بالخير الكثير، وأنا أتبعه من حين لآخر. الاقتراح هو أن تعقد جلسة دعاء سرية بينك وبين نفسك لمدة خمسة دقائق فقط تدعو فيها لكل من تقع عليهم عينك. تستطيع أن تقوم بذلك وأنت واقف في شُرفة منزلك أو وأنت تسير في الشارع ذاهبا إلى عملك أو راجعا منه، أو وأنت تقود سيارتك، أو في أي موقف آخر، حيث سترى بالطبع الكثير من البشر يمشون في الشوارع جيئة وذهابا. الجميل في هذه الجلسة أنك ستدعو لهم سرا بظهر الغيب، وستدعو لكل شخص بالحاجة التي تراها مناسبة له. إليك بعض الأمثلة للأدعية التي يمكنك أن تستخدمها:

رجل عجوز>> اللهم أعطه الصحة واكتب له حسن الخاتمة
رجل مدخن>> اللهم تب عليه وأعنه على الإقلاع عن التدخين
رجل يصطحب أطفاله>> اللهم بارك له في أطفاله واجعلهم قرة عينه
مجموعة شباب لا يبدو عليهم الالتزام>> اللهم أهدهم ونوّر بصيرتهم
امرأة حامل>> اللهم تمم حملها على خير
عامل عائد من مصنعه أو من حقله>> اللهم يسّر له عمله وبارك له في رزقه
إلى آخر ذلك من الأدعية التي تراها مناسبة للأشخاص الذين تقع أعينك عليهم.
تستطيع أن تعقد هذه الجلسة مرة كل يوم أو كل أسبوع أو حتى مرة كل شهر. وما أجملها لو قمت بذلك وأنت تذهب إلى عملك في الصباح، فتبدأ يومك بطاقة إيجابية رائعة. أنت بذلك تنشر الخير يمنة ويُسرى على عباد الله. ولا بأس بأن تدعو دعاءا جماعيا إذا رأيت جمعا من الطلبة الذاهبين إلى المدارس أو الموظفين الذاهبين إلى أعمالهم. ولكن ماذا ستستفيد أنت من ذلك؟ ستستفيد الآتي:

أولا: سيتملك قلبك شعور رائع ويمتلأ بالسعادة وسوف تشعر بحلاوة الإيمان في قلبك بشكل فوري. جرب، وسترى بنفسك.

ثانيا: عندما تدعو لأخيك أو أختك بظهر الغيب، فإن الملائكة تدعو لك بمثل ما تدعو، فقد ورد في الحديث الشريف "ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب، إلا وقال ملك ولك مثله". فأنت بشر وتدعو لبشر مثلك، ولكن مكافأتك على ذلك أن يدعو لك ملك بنفس الدعاء، وهذه مكافأة فورية أيضا.

دمتم في حب وسعادة!



ليست هناك تعليقات: