الثلاثاء، 21 يونيو 2016

كيف كان نبي الله يعقوب سبب في اختطاف ابنه يوسف وكيف كان سبب دخول سيدنا يوسف إلى السجن هو سيدنا يوسف نفسه؟


السبب في ذلك هو مخالفة النبيين الكريمين للقانون الإلهي الذي يحكم هذا الكون وهو "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" فسيدنا يوسف كان يعيش مع أبيه سيدنا يعقوب مثل أي طفل مع أبيه، إلى أن تغيرت نفس سيدنا يعقوب وسيطرت عليها مشاعر الخوف المفرط على إبنه وسيطرت عليه الأفكار السلبية وذلك ابتداء من الوقت الذي حكى فيه سيدنا يوسف ما رأى في منامه لأبيه كما نعرف جميعا، حيث كان رد فعل سيدنا يعقوب هو (قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا ۖ إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ) هنا بداية الخوف على سيدنا يوسف. واستمر هذا الخوف طوال القصة ويتجلى ذلك في قوله تعالى "قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَن تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ". ربما يتساءل صديق ويقول هذا أمر طبيعي، أقول له ألم تعلم أن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون كما أخبرنا الله؟ فكيف يخاف من له رب؟ كل البشر بما فيهم الأنبياء يتعرضون للحظات ضعف يستطيع أن ينسيهم الشيطان خلالها ذكر ربهم. وإلا لماذا يخاف سيدنا يعقوب على ابنه والله موجود؟ ألا يستطيع رب يوسف ويعقوب أن يحمي يوسف؟ هل يريد الله لنبيه أن يتم خطف ابنه ويتألم كل هذا الألم؟ كلا، أخبرنا الله أنه يريد لنا اليسر ولا يريد لنا العسر.
وأنتم تعرفون باقي القصة، ويكتمل القانون الإلهي حيث لا يعود يوسف إلى أبيه إلا عندما يتغير ما في نفس سيدنا يعقوب، فتتغير أفكاره وتتغير مشاعره، حيث بدأت أفكار عودة ابنه تسيطر عليه كما سيطرت عليه من قبل أفكار اختطافه. وبدأ يتفاءل بتلك العودة، ويتجلى ذلك في قوله تعالى (يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) وقوله تعالى (وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ ۖ لَوْلَا أَن تُفَنِّدُونِ) وهنا يصدق القانون الإلهي ويعود يسف إلى أبيه).

نفس الشيء ينطبق على سجن سيدنا يوسف. فلما تعرض للموقف الصعب مع امرأة العزيز، حصر سيدنا يوسف نفسه بين خيارين مُرّين، وهما إما أن يفعل المعصية وإما أن يدخل السجن؟ هنا في لحظة الضعف هذه نجح الشيطان أن يُنسي يوسف ذكر ربه، فنسى يوسف أن الله ربه يستطيع أن يخرجه من هذا المأزق دون الاضطرار لفعل المعصية أو لدخول السجن. فلماذا لم يفكر سيدنا يوسف في حل ثالث؟ لذلك سيطرت فكرة السجن على عقل وقلب سيدنا يوسف، فكان نصيبه السجن. فهل يريد الله لنبيه يوسف أن يتم سجنه؟ كلا، الله يريد لكل خلقه اليسر ولا يريد لهم العسر.
وهكذا أيضا لم يخرج سيدنا يوسف من السجن إلا بعد أن تغير ما في نفسه وبدأ يفكر في حلول أخرى لم يفكر فيها من قبل فأصبح يفكر في إمكانية خروجه من السجن فطلب من رفيق سجنه أن يوصل مظلمته كما في قوله تعالى (وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ...)
وهكذا نرى كيف كان يوسف يعيش مع أبيه آمنا حتى تغير الحال عندما تغير ما في نفس سيدنا يعقوب، ولم يعد سيدنا يوسف إلا عندما تغير ما في نفس سيدنا يعقوب، وكيف أن سيدنا يوسف لم يتغير حاله ودخل السجن إلا عندما سيطرت أفكار السجن على عقله ولم يفكر في حلول أخرى، وكيف خرج منه عندما تفاءل وتغير ما في نفسه وطلب من رفيقه أن يساعده في الخروج.
أود أن أؤكد دائما أن الأفكار التي تدور في عقولنا والمشاعر التي نشعر بها في قلوبنا هي التي تتحكم في مصيرنا. ولا نفكر في أفكار سلبية ولا نشعر بمشاعر سلبية إلا عندما يغيب الله عن عقولنا وعن قلوبنا، فرب يعقوب يستطيع أن يحمي ابنه يوسف، ورب يوسف يستطيع أن يحميه من امرأة العزيز وفي نفس الوقت يستطيع أن يحميه من دخول السجن، ولكن عندما غاب الله عنهما في لحظات ضعفهما حدث لهم ما حدث، وهم أنبياء، ولكنهم غير معصومين ومعرضين للضعف البشري كأي إنسان.
وهذا هو أهم درس من وجهة نظري في قصة سيدنا يوسف، وهو "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم".